الشره العصابي: أسبابه وعلاجه

الشره العصابي أو النهام: مفهومه، أسبابه، وأثره على الصحة

الشره العصابي، أو ما يعرف علمياً بالنهام العصبي (Bulimia Nervosa)، هو أحد الاضطرابات النفسية المرتبطة بتناول الطعام، ويتميز بنوبات متكررة من تناول كميات كبيرة من الطعام في وقت قصير، تليها سلوكيات مدمرة بهدف تجنب زيادة الوزن. يظهر هذا الاضطراب عادة في المراهقين والشباب، ويمكن أن يسبب تأثيرات جسدية ونفسية خطيرة تؤثر على الحياة اليومية للمصاب.

تعريف الشره العصابي

الشره العصابي هو اضطراب في الأكل يتميز بنوبات من الإفراط في تناول الطعام بشكل مفرط، تليها محاولات للتخلص من هذا الطعام بطرق قد تكون ضارة، مثل التقيؤ المتعمد، استخدام المسهلات، أو ممارسة الرياضة المفرطة. غالباً ما يعاني المصابون بهذا الاضطراب من مشاعر بالذنب والخجل بعد النوبة، مما يدفعهم إلى اتخاذ إجراءات قاسية لمنع زيادة الوزن.

الأعراض الرئيسية للشره العصابي

1. الإفراط في تناول الطعام: يتمثل في تناول كميات كبيرة من الطعام في فترة زمنية قصيرة (عادةً في أقل من ساعتين). يمكن أن تكون هذه النوبات غير مسيطر عليها، مما يجعل الشخص يستهلك الطعام بشكل يتجاوز الشعور بالجوع.

2. السلوكيات التعويضية: بعد نوبة الإفراط في تناول الطعام، يلجأ الأفراد إلى سلوكيات تهدف إلى التخلص من السعرات الحرارية الزائدة. قد تشمل هذه السلوكيات التقيؤ المتعمد، أو استخدام المسهلات، أو ممارسة الرياضة بشكل مفرط.

3. مشاعر الذنب والخجل: يعاني الأفراد المصابون بالشره العصابي من شعور قوي بالذنب بعد نوبات الأكل المفرط، مما يدفعهم إلى محاولة تعويض ذلك بشكل قسري.

4. الإفراط في التفكير في الوزن والشكل: يكون الشخص المصاب بالشره العصابي مهووسًا بشكل دائم بالوزن ومظهرك الجسدي، وهذا يؤدي إلى اضطرابات في تقدير الذات والإفراط في مراقبة الوزن.

5. التغيرات النفسية: يعاني العديد من المصابين بالشره العصابي من اضطرابات نفسية مثل القلق، الاكتئاب، واضطرابات المزاج.

أسباب الشره العصابي

يعد الشره العصابي مرضاً معقداً يتداخل فيه العديد من العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية. ومن أهم الأسباب التي قد تؤدي إلى تطور هذا الاضطراب:

1. العوامل النفسية:

• الضغط النفسي والمشاعر السلبية: يعاني الأفراد المصابون بالشره العصابي من مشاعر الضعف أو الانعدام. هؤلاء الأشخاص قد يعانون من تدني مستوى تقدير الذات والشعور بالذنب المفرط، مما يجعلهم يلجأون إلى تناول الطعام كوسيلة للتهدئة.

• التوتر العاطفي: تجارب الحياة الضاغطة مثل المشاكل الأسرية، أو التنمر الاجتماعي، أو فقدان شخص مهم قد تساهم في ظهور هذا الاضطراب.

2. العوامل البيولوجية:

• التغيرات في كيمياء الدماغ: قد تلعب التغيرات الكيميائية في الدماغ، مثل انخفاض مستويات السيروتونين، دورًا في تطور الشره العصابي. السيروتونين هو الناقل العصبي المسؤول عن تنظيم المزاج والشعور بالراحة، وقد يؤدي نقصه إلى زيادة الرغبة في تناول الطعام كمصدر للراحة النفسية.

• العوامل الوراثية: تشير الدراسات إلى أن الوراثة قد تلعب دوراً في predisposition للإصابة بالشره العصابي. الأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي من اضطرابات الأكل أو الاضطرابات النفسية الأخرى قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالشره العصابي.

3. العوامل الاجتماعية:

• الضغط المجتمعي على المثالية الجسدية: المجتمع الحديث، وخصوصاً وسائل الإعلام، تروج لفكرة الجسم المثالي النحيف، مما يضع ضغطًا هائلًا على الأفراد، خاصةً المراهقين والشباب، لتحقيق هذه الصورة. هذه المعايير قد تشجع على تطوير اضطرابات الأكل مثل الشره العصابي.

• العلاقات الأسرية: يمكن أن تؤدي بيئة الأسرة إلى اضطرابات الأكل. على سبيل المثال، قد يعاني الأفراد من تشديدات أسرية أو تربوية تجعلهم يلتزمون بمعايير جسمية معينة، مما يؤدي إلى تطور الاضطرابات الغذائية.

التشخيص والعلاج

1. التشخيص:

يعتبر التشخيص المبكر للشره العصابي أمرًا بالغ الأهمية لتقليل المخاطر الصحية والنفسية المرتبطة به. يشمل التشخيص عادةً فحص الأعراض السريرية، بالإضافة إلى استفسار الطبيب عن العادات الغذائية والسلوكيات المتعلقة بالطعام. قد يتطلب الأمر أيضًا إجراء فحوصات طبية لاستبعاد المشاكل الصحية الأخرى.

2. العلاج النفسي:

• العلاج المعرفي السلوكي: يعد العلاج المعرفي السلوكي أحد أكثر العلاجات فعالية للشره العصابي. يساعد هذا النوع من العلاج المريض على تحديد وتغيير الأفكار والسلوكيات السلبية المتعلقة بالطعام والصورة الجسدية.

• العلاج العاطفي: يشمل هذا العلاج مساعدة الفرد على التعبير عن مشاعره وعواطفه بطرق صحية، مما يقلل من ضغط التوتر والقلق الذي قد يساهم في اضطراب الأكل.

3. العلاج الدوائي:

• الأدوية المضادة للاكتئاب: قد يصف الطبيب أدوية مضادة للاكتئاب، خاصة من فئة مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، لتقليل الأعراض النفسية المرتبطة بالشره العصابي، مثل الاكتئاب والقلق.

• الأدوية المضادة للقلق: في بعض الحالات، يمكن أن تساعد الأدوية المهدئة أو المضادة للقلق في السيطرة على التوتر المرتبط بهذا الاضطراب.

4. العلاج التغذوي:

• التوجيه الغذائي: من المهم أن يتلقى المصاب استشارة غذائية مناسبة لتحديد نمط غذائي صحي ومتوازن. يمكن أن يساعد ذلك في التعامل مع مشاعر الذنب المرتبطة بالطعام وتطوير علاقة صحية مع الأكل.

الآثار الصحية للشره العصابي

الشره العصابي له تأثيرات صحية جسدية خطيرة تتفاوت في شدتها من شخص لآخر. وتشمل هذه الآثار:

1. مشاكل في الجهاز الهضمي: تكرار التقيؤ المتعمد قد يؤدي إلى تلف في المريء والأسنان بسبب تعرضها المستمر للأحماض المعوية. كما يمكن أن يعاني الشخص من مشاكل في المعدة والأمعاء مثل الانتفاخ، الإمساك، أو الإسهال.

2. اختلالات في الكهارل: السلوكيات التعويضية مثل التقيؤ أو استخدام المسهلات قد تؤدي إلى نقص شديد في الأملاح المعدنية (الكهارل) مثل البوتاسيوم والصوديوم، مما يزيد من خطر الإصابة بمشاكل قلبية.

3. مشاكل صحية عقلية: بالإضافة إلى الاكتئاب والقلق، يمكن أن يؤدي الشره العصابي إلى اضطرابات في العلاقات الاجتماعية والمهنية نتيجة للانعزال والسرية المحيطة بالسلوكيات المتعلقة بالطعام.

4. زيادة خطر الانتحار: في الحالات الشديدة، قد يعاني الأفراد المصابون بالشره العصابي من أفكار انتحارية بسبب العبء النفسي الذي يسببه الاضطراب.

الوقاية

إن الوقاية من الشره العصابي تتطلب جهداً متعدد الأبعاد يشمل الوعي المجتمعي حول أهمية الصورة الجسدية الإيجابية، وتحسين الصحة النفسية، وتعزيز التربية الغذائية. من الضروري أن يتمكن الأفراد من التعبير عن مشاعرهم والتعامل مع الضغوط النفسية بطرق صحية، مع توفير الدعم العاطفي والمجتمعي لهم في مراحل حياتهم المبكرة.

الخاتمة

الشره العصابي هو اضطراب نفسي معقد يتطلب عناية شاملة ومتعددة الجوانب لعلاجه. من خلال التشخيص المبكر والعلاج المناسب، يمكن تحسين نوعية حياة الأفراد المصابين بهذا الاضطراب وتمكينهم من التغلب على التحديات النفسية والجسدية التي يواجهونها.